"بسم الله الرحمن الرحيم: الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع"
الشرح:
قوله: بسم الله الرحمن الرحيم
ابتدأ ابن آجروم كلامه بالبسملة تبركا بالقرآن الكريم، واقتداء بالحديث النبوي كل أمر ذي بال لا يبدأ فيها ببسم الله فهو أقطع أو أبتر.
وقوله: الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع:
جرت عادة النحاة أن يبدأوا، في درسهم النحوي، بحديثهم عن "الكلام" لأنه هو الذي يحصل به التفاهم والتخاطب، ولذلك عرّفوا الكلام بكونهم اللفظ المركب المفيد بالوضع، فهو تعريف يجمع عناصر أربعة، هي: اللفظ والتركيب والإفادة والوضع العربي، فإذا لم تجتمع هذه القيود الأربعة، فلا يسمى الكلام كلاما عنهم، وقد يكون كلاما عند غيرهم.
1. وأول هذه القيود أن يكون لفظا، ومعناه أن يكون صوتا يشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء، ومثاله: "خالد" فهو لفظ تلفظنا به، وصوت اشتمل على بعض الحروف الهجائية، أما إذا لم يكن لفظا، وذلك كالإشارة والكتابة وغير ذلك، فلا يسمى ذلك كلاما وإن حصلت بذلك فائدة.
2. والقيد الثاني هو التركيب، ونعني به أن يكون الكلام مركبا من كلمتين فأكثر، تحقيقا مثل "فهم محمدٌ" أو تقديرا مثل "استقم" أي: استقم أنت، فذا لم يكن مركبا بل كان مفردا حقيقة، مثل: "رجل"، فهذا لا يسمى كلاما.
3. والقيد الثالث وهو الإفادة، ويعني ما أفاد إفادة يحسن السكوت عليها، أي سكوت المتكلم بحث لا يصير السامع منتظرا لشيء آخر، قولنا مثلا: "هل إذا بئس كما" فهذا لفظ ومركب ولكن لا تحصل به الفائدة، لأن السامع يبقى منتظرا إفادة لا تؤديها ألفاظ الجملة.
4. وأما القيد الرابع والأخير فهو الوضع العربي، ونعني به أن يكون اللفظ دالا على معنى مثاله "بئر"، فهذا لفظ موضوع بـ"الوضع العربي"، لأن الواضع جعل هذا اللفظ دليلا على معنى، وهو الصورة أو الشيء الذي يخطر على بال السامع بمجرد سماع اللفظ، ولا بد من ذكر "اللفظ العربي" ليخرج الموضوع بغيره كالتركي مثلا.
مثال للكلام الذي استوفى عند النحاة القيود الأربعة:
المجتهد ناجح: فهو لفظ ومركب من كلمتين وحصلت به الفائدة وموضوع بالوضع العربي.
الملخص الصوتي:
الملخص الكتابي:
يقول الإمام ابن آجروم رحمه الله:
"وأقسامه ثلاثة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى"
الألفاظ التي كان العرب يستعملونها في كلامهم، ونقلت إلينا عنهم، لا يخلو واحد منها عن أن يكون واحداً من ثلاثة أشياء: الاسم والفعل والحرف.
قوله: وأقسامه...
يعني الأجزاء التي يتركب منها الكلام ثلاثة لا رابع لها بالإجماع، ودليل هذا التقسيم: التتبع والاستقراء، فالنحاة نظروا في كلام العرب وتتبعوه فوجدوا أنه لا يخلو من هذه الثلاثة التي هي الإسم والفعل والحرف.
تعريف الاسم:
لغة: ما دل على مسمى، واصطلاحاً: كلمة دلت على معنى في نفسها، ولم تقترن بزمان، نحو: كتاب، فهي دلت على معنى يفهم عند إطلاقه دون أن نفهم منه زماناً معيناً.
والاسم على ثلاثة أقسام: ظاهر ومضمر ومبهم.
أ. الظاهر:
هو الذي لا يحتاج إلى مفسر، ولا إلى شيء يعود عليه، كـ"زيْد" مثلا.
ب. المضمر:
هو عكس الظاهر، وهو ما دلّ على متكلم مثل "أنا"، أو مخاطبٍ كـ"أنت"، أو غائب كـ"هو"، والمضمر هو ما يكنى به عن الظاهر اختصاراً.
ج. المبهم:
هو ما دلّ على مسمّى وإشارة إليْه، نحو "هذا" و"هذه" و"هؤلاء"، فعندما تنطق بهؤلاء مثلا، فإنك تشير، وهذا اللفظ يدل على مسمّى.
تعريف الفعل:
لغة: الحدث، واصطلاحاً: كلمة دلت على معنى في نفسها، واقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة، التي هي الماضي والحال (المضارع) والمستقبل (الأمر)، نحو: كتب، فإنها كلمة دالّة على معنًى، وهو الكتابة، وهذا المعنى مقترن بالزمان الماضي، ونحو يكتب، فإنه دالّ على معنى وهو الكتابة أيضا، لكن هذا المعنى مقترن بالزمان الحاضر، ونحو اكتب، فهي كلمة دالّة على معنى، وهو أيضا الكتابة، وهذا المعنى مقترن بالزمان المستقبل الذي بعد زمان التكلم.
أ. تعريف الماضي:
هو ما دلّ على حدث وقع في الزمان الذي قبل زمان التكلم، نحو "كتب" و"فهم".
ب. تعريف المضارع:
هو ما دلّ على حدث يقع في زمان التكلم أو بعده، نحو "يكتب" و"يفهم".
ج. تعريف الأمر:
هو ما دلّ على حدث يطلب حصوله بعد زمان التكلم، نحو "اكْتُبْ" و"افْهَمْ".
فكل هذه الكلمات التي رأينا تدل على معنى، وهذا المعنى مقترن بزمن معين.
تعريف الحرف:
لغة: هو طرف الشيء، وفي اصطلاح النحاة: كلمة دلت على معنى في غيرها، نحو "من"، فإن هذا اللفظ كلمة دلت على معنى، وهو الابتداء، وهذا المعنى لا يتم حتى تضم إلى هذه الكلمة غيرها، فتقول: "سافرت من الرباط إلى الدار البيضاء"، فستفهم من هذا الكلام أن ابتداء السفر كان من الرباط، وانتهاءه كان في الدار البيضاء.
تتلخص أهم أهداف تدريس هذه المادة في أن يتمكن الطلبة من إتقان اللغة العربية، كتابة ومحادثة، والتعرف على قواعدها لأنها الباب إلي تذوّق العربية التي هي لُغَةُ سيدنا ومولانا رسول الله صلي الله عليه و علي آله وصَحْبه وسلم ولُغَةُ كتاب ربنا الكريم.