الإمام نافع:
الإمام ورش:
الفرق بين الرواية والقراءة:
كل من أخذ مباشرة عن أحد القراء السبعة يسمى راويا، و كل من أخذوا عن أحد الرواة يسمون أصحاب طرق، فمثلا نافع قارئ أخذ عنه ورش و قالون فيسمى كلاهما راو و نقول: رواية ورش عن نافع و رواية قالون عن نافع، وأخذ عن ورش كل من الأزرق و الأصبهاني فهما إذن طريقان عن ورش، لذا نقول رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق و ورش عن نافع من طريق الأصبهاني.
انتشار رواية ورش في المغرب:
تعد رواية ورش إحدى الروايات التي تواتر بها النقل في بلاد المغرب جيلا بعد جيل، وقد اشتهرت هذه الرواية، واعتنى بها المغاربة عناية فائقة، وذلك موازاة مع المذهب المالكي الذي اختاروه مذهبا فقهيا لهم، ولم تقو على مزاحمتها أيّة رواية أخرى أو قراءة، وذلك على الرغم من انفتاح البلاد على سائر القراءات والروايات، وقد أضحت رواية ورش عن نافع، على مر العصور، شعارا للمدرسة القرآنية المغربية، والقطب الذي تستمد منه مختلف العلوم الأصلية والفرعية، والتلاوة الرسمية الوحيدة التي يستند إليها في التعليم والقراءة والدراسة، وغير ذلك… فنافع القارئ الذي أخذ عنه ورش روايته، كان شيخا للإمام مالك رحمهم الله جميعا. فاختيار المغاربة تلاوة كتاب الله تعالى برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق منذ دخولها إلى الأقطار المغربية على أيدي الرواد الأوائل ينسجم مع التزامهم بالمذهب الفقهي المالكي، وكأنهم بذلك يؤكدون التزامهم بأثر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وعمل أهل المدينة، وقد قال مالك عن قراءة نافع: “قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع؟ قال نعم”. وحينما سئل عن حكم الجهر بالبسملة أثناء الصلاة قال: “سلوا نافعا فكل علم يسأل عنه أهله، ونافع إمام الناس في القراءة”.
الملخص الكتابي:
أولا: تعريفه : التعوذ في اللغة: هو الالتجاء، والاعتصام، والتحصُّن، أما في الاصطلاح: فهو لفظ يتحقق به الالتجاء إلى الله، والتحصُّن والاعتصام به من الشيطان الرجيم، وقد أجمع العلماء أنه ليست من القرآن، ومعناه: اللهمَّ أعِذْني من الشيطان الرجيم.
ثانيا: حكمه: ذهب الجمهورُ من العلماء إلى أن الاستعاذة مطلوبة ممن يريد قراءة القرآن، لكنهم اختلفوا: هل هي واجبة، أم مندوبة؟ فذهب جمهور العلماء وأهل الأداء: إلى أنها مندوبة عند ابتداء القراءة، وحملوا الأمر في قوله – تعالى -: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98] على الندب، بحيث لا يأثمُ القارئ إذا تركها، بينما ذهب بعض العلماء: إلى وجوب الاستعاذة عند ابتداء القراءة، وحملوا الأمر في الآية على الوجوب، كما اعتبروا القارئ آثمًا لو تركها، والراجح هو: استحباب التَّعوُّذ عند ابتداء القراءة.
ثالثا: صيغتُه: للتعوذ صيغة مختارة لجميع القراء، وهي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)؛ لأنها الصيغةُ التي جاءت في القرآنِ الكريم في سورة النحل؛ حيث يقول الله – تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98]، ويجوز التعوُّذُ بغير هذه الصيغة، نحو: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم)، ونحو: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)، ونحو: (أعوذ بالله العظيم، وبوجهِه الكريم، وسلطانِه القديم، من الشيطان الرجيم)، وكلُّ هذه الصيغ جائزةٌ للقارئ بشرط: أن يصحَّ ذلك في حديث صحيحٍ عن رسول الله (ﷺ).
رابعا: أحواله: هناك حالتان اثنتان للتعوذ، هما: 1- حالة يُجهر بها فيه. 2- حالة يُسَرُّ بها فيه.
ففي حالة الجهر به: يستحبُّ للقارئ الجهر بالاستعاذة في مواطن، وأما في حالة الإسرار بها: فيستحبُّ للقارئ الإسرارُ بالاستعاذة.
أوجهه: للاستعاذة مع البسملة أربعة أوجهٍ جائزة للقارئ، إذا ابتدأ القراءة من أوَّل السورة، في جميع القرآن – ما عدا سورة براءة (التوبة) – وهذه الأوجه الأربعة هي:
الملخص الكتابي:
أولا: معنى البسملة:
البسملة هي قولك " بسم الله الرحمن الرحيم " وهي مصدر من بسمل كقولنا: حوْقل إذا قال: "لا حول و لا قوة إلا بالله"؛ و حمْدل إذا قال: "الحمد لله"؛ و حسبل إذا قال: " حسبي الله ونعم الوكيل"، و هيلل إذا قال: " لا إله إلا الله "، وهي لغة مولدة أريد بها الاختصار فيعبر بالكلمة الواحدة عن الكلمتين أو أكثر. وللبسملة مواضع وهي إما أن تأتي في أول السورة أو في أثنائها أو بين السورتين.
ثانيا: مواضع البسملة:
1) أوائل السور: اتفق القراء على الإتيان بالبسملة عند الابتداء بأول كل سورة ، وهذا الحكم عام في كل سورة من سور القرءان إلا براءة (سورة التوبة)، فلا خلاف بينهم في ترك البسملة عند الابتداء بها رواية وخطّاً، وأما عن سبب عدم ورود البسملة في أول سورة التوبة فقد رُوي عن ابن عباس أنه سأل عليا رضي الله عنهم: " لم لم تكتب البسملة في أول براءة ؟ " فقال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان و براءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان، يعني أنها نزلت بنقض العهود التي كانت بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين المشركين.
2) أواسط السور: و المراد بالأواسط هنا ما كان بعد وسط السور، و تسمى بالأجزاء، فلنا الإتيان بالبسملة أو تركها، و لا نصل البسملة بآية توهم للسامع معنى قبيح مثل :
بسم الله الرحمن الرحيم ـــــــــــ لا نصل ـــــــــــ الشيطان يعدكم الفقر
3) بين السورتين : لنا في ذلك ثلاثة أوجه، كلها جائزة ومقروء بها ما عدا سورة براءة، وهي الأول: السكت - الثاني: الوصل الثالث: البسملة
- الســـكت: هو أن يسكت على آخر الكلمة من السورة الأولى زمنا دون زمن الوقف عادة من غير تنفس. - الوصـــل: هو أن تصل آخر السورة الأولى بأول السورة الثانية كآية واحدة من غير وقف ولا سكت. - البسملة: هو أن تأتي بالبسملة بين السورتين، ولها أوجه ثلاثة جائزة والرابع ممتنع باتفاق أهل الأداء.
أ) أوجه قراءة البسملة بين السورتين (كل السور عدا التوبة):
*| وصل الجميع: أي وصل آخر السورة الأولى بالبسملة ثم بأول السورة الثانية كآية واحدة:
آخر السورة الأولى ـــــــــــ وصل ـــــــــــ البسملة ـــــــــــ وصل ـــــــــــ أول السورة الثانية
*| فصل الجميع : أي الوقف على آخر السورة الأولى ثم الوقف على البسملة ثم قراءة أول السورة الثانية:
آخر السورة الأولى ـــــــــــ فصل ـــــــــــ البسملة ـــــــــــ فصل ـــــــــــ أول السورة الثانية
*| فصل الأول ووصل الثاني: أي الوقف على آخر السورة الأولى ووصل البسملة ببداية السورة الثانية:
آخر السورة الأولى ـــــــــــ فصل ـــــــــــ البسملة ـــــــــــ وصل ـــــــــــ أول السورة الثانية
*| وصل الأول وفصل الثاني: ومنع هذا الوجه لان البسملة لأوائل السور و ليس لأواخرها وكي لا يتوهم السامع أنها آية لأخر السورة.
آخر السورة الأولى ـــــــــــ وصل ـــــــــــ البسملة ـــــــــــ فصل ـــــــــــ أول السورة الثانية
فهذا وجه لا يجوز عند جميع القراء.
ب) أوجه قراءة البسملة بين السورتين (بين الأنفال والتوبة):
للوصل بين الأنفال والتوبة ثلاثة أوجه لجميع القراء وهي: الأول: السكت - الثاني: الوصل - الثالث: الوقف.
فــــــوائد:
- السكت يكون بين السورتين كانتا مرتبتين كآخر البقرة و أول آل عمران، أو غير مرتبتين كآخر الأعراف و أول يوسف لكن يشترط أن تكون الثانية بعد الأولى في الترتيب المصحفي، فان كانت قبلها كان وصل آخر الأحزاب بأول مريم مثلا، تعين الإتيان بالبسملة، و لا يجوز سكت و لا وصل، كذا لو وصل آخر السورة بأولها، كمن كرر سورة الإخلاص ثلاث مرات، فإن البسملة تكون متعينة، و تتعين كذلك إن وصل آخر الناس بأول الفاتحة فالبسملة لجميع القراء.
- يجوز السكت – وهو المقدم في الأداء – و الوصل و الوقف بين آخر الأنفال وأول براءة، و هذه الوجوه الثلاثة جائزة بين التوبة و أي سورة أخرى، شرط أن تكون قبلها كآخر الأنعام مع أول التوبة مثلا، أما إذا كانت السورة بعد التوبة في التلاوة، كأن وصلت آخر النحل بأول التوبة، فالظاهر تعيين الوقف و امتناع السكت و الوصل، كذا إن وصلت آخر التوبة بأولها.
الملخص الكتابي:
سنترق في هذا الدرس إلى أحكام النون الساكنة والتنوين، وفيه مسائل متعلقة بهما، ولذلك لم يهمله أحد ممن ألف في علم التجويد لكثرة دور مسائله.
والنون الساكنة هي النون الخالية من الحركة وتكون في الأسماء نحو: ﴿أنعام﴾ والأفعال نحو: ﴿ينهون﴾ والحروف نحو: ﴿عن﴾، وتثبت في اللفظ والخط وأما التنوين فهو نون ساكنة زائدة تلحق الإسم بعد كماله، وتفصله عما بعده، ولذلك لم تظهر في الخط، وإنما في اللفظ فقط نحو: ﴿أسماءٌ﴾ ﴿أسماءً﴾ ﴿أسماءٍ﴾. والفرق بين النون والتنوين أن النون تُرسم في الخط، والتنوين لا يُرسم، كما أن النون أصلية، والتنوين زائد، جرت عادة الناس أن يرسموه حركةً في الرفع والجر، ويرسموه ألفاً في حال النصب لأن الألف أخف من الياء والواو، ولأنه هوائي، ليس له مخرج محقق يعتمد عليه. وأحكام النون الساكنة والتنوين أربعة هي: 1. الإظهار 2. الإدغام 3. القلب 4. الإخفاء، ويتحدد كل حكمٍ من الاحكام الاربعة بحسب ما يأتي بعد النون الساكنة والتنوين من حروف.
الحكم الأول: الحكم الثاني من أحكام النون الساكنة والتنوين هو الإظهار، ويكون عند حروف الحلق الستة، وحقيقة الإظهار في النون الساكنة والتنوين بأن تخرج من مخرجها من غير غنة، وذلك عند حروف: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء،وهي مجموعة في أوائل الكلمات التالية { أخي هاك علما حازه غير خاسر.}، وعلة إظهار النون الساكنة والتنوين عند هذه الحروف هو التباعد، وهذه أمثلة الإظهار:
• فالهمزة نحو: ﴿ينئون﴾ ولا ثاني له و﴿كل ءامن﴾. • والهاء نحو: ﴿ينهون﴾ و﴿جرف هار﴾. • والعين نحو: ﴿أنعمت﴾ ﴿عذاب عظيم﴾. • والحاء نحو: ﴿وانحر﴾ و﴿عليم حكيم﴾. • والغين نحو: ﴿فسينغضون﴾ ولا ثاني له و﴿إله غيره﴾. • والخاء نحو: ﴿المنخنقة﴾ ولا ثاني له، و﴿عليم خبير﴾.
الحكم الثاني: الحكم الأول من أحكام النون الساكنة والتنوين هو الإدغام ويكون في هجاء: (رل) و(يوم) ولم يذكر الناظم مسألة إدغام النون الساكنة والتنوين عند حرف النون، وهو اختيار أبي عمرو الداني باعتبار أن إدغامهما في النون سببه التماثل، لا التجانس والتقارب كما في هذا الباب. ثالثا: إدغام النون الساكنة والتنوين على قسمين:
1. إدغام دون غنة: ويسمى كاملا، ويكون في هجاء (رل)، نحو ﴿فإن لّم﴾ و﴿هدى لّلمتقين﴾ و﴿من رّزق﴾ و﴿ثمرة رّزقا﴾، فتبدل النون والتنوين لاماً عند اللام، وراءً عند الراء، ويدغمان فيهما فيصيرا حرفا واحدا مشددا من غير غنة. 2. إدغام بغنة: ويسمى ناقصا، ويكون في هجاء (يوم)، نحو: ﴿من يّفعل﴾ ﴿يومئد يّفرح﴾ ﴿من وّلي وّلا نصير﴾ ﴿من مّاء﴾ ﴿مثلا مّا﴾، تبدل النون والتنوين ياء عند الياء وواوا عند الواو وميما عند الميم وتدغم فيها فيصيران حرفا واحدا مشددا مع إبقاء الغنة.
رابعا: يمنع الإدغام في حالة اجتماع النون الساكنة بأحد حروف الإدغام في كلمة واحدة، ولم يقع منه في القرآن إلا أربعة ألفاظ: ﴿قنوان﴾ و﴿صنوان﴾ و﴿بنيان﴾ و﴿الدنيا﴾، ومعنى ذلك أن إدغام النون الساكنة في حرف الإدغام لا يكون إلا إذا كانت النون في آخر الكلمة الأولى وكان حرف الإدغام في أول الكلمة الثانية، فإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا إدغام، والعلة في ذلك خوف أن يشتبه اللفظ من هذا النوع إذا أدغم ما أصله التضعيف، فيحصل الالتباس في المعنى.
الحكم الثالث: الحكم الثالث للنون الساكنة والتنوين هو القلب وهو في اللغة عبارة عن تحويل الشيء عن وجهه، وحقيقته في اصطلاح القراء أن تقلب النون الساكنة ميما، وذلك في نحو ﴿أن بورك﴾ و﴿عليم بذات﴾ و﴿أنبئهم﴾، وسبب قلب النون الساكنة ونون التنوين ميما عند الباء صعوبة الإظهار والإدغام في اللفظ، وإنما قلبوهما ميما ساكنة طلبا للتخفيف، واختصت الميم بالقلب دون غيرها من سائر الحروف، لأنها تشارك الباء في المخرج، وتشارك النون في الصفة، وهي الغنة.
ويتحقق الإقلاب بالنطق بالحرف على صفة بين الإدغام والإظهار بتقليل الاعتماد على المخرج فيكون على شكل تلامس خفيف بين الشفتين .الحكم الرابع: الحكم الرابع من أحكام النون الساكنة والتنوين هو الإخفاء، ويكون عند بقية الحروف الخمسة عشر، وهي ما تبقى من الحروف الهجائية، جمعها الإمام الجمزوري في أوائل كلمات هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما --- دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
ومعنى الإخفاء في اللغة: الستر، وأما في اصطلاح القراء نطق الحرف بين الإظهار والإدغام عار من التشديد مع بقاء الغنة، وعلامة ذلك أن لا يلتصق اللسان باللثة كما في الإظهار. وسبب إخفاء النون الساكنة والتنوين عند حروف الإخفاء الخمسة عشر تعذر الإظهار والإدغام فيهما، فأعطوها حكم الإخفاء، وهو حالة بين الحالتين، لا تشديد فيه. وهذه أمثلة حكم الإخفاء عند حروفه على ترتيبها:
1. فعند الصاد نحو: ﴿ينصركم﴾ و﴿عملا صالحا﴾. 2. وعند الذال نحو: ﴿من ذهب﴾ و﴿وكيلا ذرية﴾. 3. وعند الثاء نحو: ﴿من ثمرة﴾ و﴿قولا ثقيلا﴾. 4. وعند الكاف نحو: ﴿منكم﴾ و﴿كتاب كريم﴾. 5. وعند الجيم نحو: ﴿أنجينا﴾ و ﴿خلقا جديدا﴾. 6. وعند الشين نحو: ﴿فمن شهد﴾ و﴿عبدا شكورا﴾. 7. وعند القاف نحو: ﴿ينقلب﴾ و﴿شيء قدير﴾. 8. وعند السين نحو: ﴿من سوء﴾ و﴿رجلا سلما﴾. 9. وعند الدال نحو: ﴿أندادا﴾ و﴿كأسا دهاقا﴾. 10. وعند الطاء نحو: ﴿وانطلق﴾ و﴿قوما طاغين﴾. 11. وعند الزاي نحو: ﴿أنزلنا﴾ و﴿صعيدا زلقا﴾. 12. وعند الفاء نحو: ﴿من فضل﴾ و﴿خالدا فيها﴾. 13. وعند التاء نحو: ﴿كنتم﴾ و﴿جنات تجري﴾. 14. وعند الصاد نحو: ﴿ينصركم﴾ و﴿عملا صالحا﴾. 15. وعند الظاء نحو: ﴿من ظهير﴾ و﴿ظلا ظليلا﴾.
ولا خلاف بين القراء في إخفاء النون الساكنة والتنوين مع الغنة عند هذه الحروف سواء اتصلت بهن النون في كلمة أو انفصلت عنهن. ثامنا:
فائدة لطيفة:
بَابُ مِيمِ الجَمْعِ
أهداف الدرس:
أولا : تَعْرِيفُ مِيمِ الجَمْعِ
هي الميم الزائدة الدالة على جماعة الذكور حقيقة أو تنزيلا، وتلحق الأسماء نحو:(رُسُلُهُـمْ ، أَنفُسَكُـمْ)، والأفعال نحو: ( ءَانذَرْتَهُـمْ ، يُمَتِّعْكُـمْ )، والحروف نحو: (عَلَيْهِـمْ ، إِلَيْكُـمْ ، أَنتُـمْ).
خرج بالزائدة: الميم الأصلية نحو (الله يعلـمُ )، وخرج بالدالة على جماعة من المذكرين ما دل على المثنى نحو: ( ارْحَمْهُمَا ).
ومعنى حقيقةً، أي ما كان الجمع فيه حقيقيا كقوله تعالى ( عَلَيْكُمُ أَنفُسَكُمْ)، وأما تنزيلا فمعناه ما كان خطابا لواحد نزلته منزلة الجماعة تعظيما له، منه قوله تعالى (عَلَى خَوْفٍ مِن فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِـمُ أَن يَفْتِنَهُم)، والضمير في (مَلَائِهِــمْ) يعود على فرعون، وجاء بصيغة الجمع على ما هو معتاد في خطاب العظماء.
ثانيا: الحُرُوفُ التِي تَكُونُ قَبْلَ مِيمِ الجَمْعِ
الواقع قبل ميم الجمع هو أحد أربعة أحرف: الكاف، والتاء، والهمزة، والهاء، لا غير. فأما الكاف والتاء والهمزة إذا وقعن قبلها، فلا يجوز فيهن غير الضم، تحرك ما قبلهن أو سكن أو كان ياء، لأنه الأصل الذي بني عليه،
ثالثا: حَالَاتُهَا وَأَحْكَامُهَا
تأتي ميم الجمع في القرآن الكريم على أربع حالات وهي :
وَصَلَ وَرْشٌ ضَمَّ مِيمِ الْجَمْعِ إِذَا أَتَتْ مِنْ قَبْلِ هَمْزِ القَطْعِ
ومثالها في كتاب الله تعالى : (عليهـمُ ءَانذرتم)[ البقرة: 6]، و (منهـمُ أُميون) [البقرة: 78]، و (إن كنتـمُ إِياه تعبدون)[ البقرة:172]. ووجه صلتها بالواو عند همزة القطع في الوصل لكي يتقوى على إخراج الهمزة لأنها حرف شديد.
(هاء الكناية) : وتسمى كذلك بهاء الضمير هي الهاء الزائدة التي يكنى بها المفرد (الواحد) المذكر الغائب، والمـــــــراد بـــها : الإيـجــاز والاخـــتـصـار، فخرج بقولنا: (الزائدة ) الهاء الأصلية في الكلمة نحو : "نفقـــه" ؛ "ينتــــه"، وخرج بقولنا: (المفرد ) الهاء التي للمثنى والجمع نحو: "عليهما" ؛ "عليهم"، كما خرج بقولنا: ( المذكر) الهاء التي للمؤنث نحــو: "تحتها"؛ "فأجاءها"، ويمكن أن نتأكد من أن الهاء زائدة بصحة إحلال الكاف أو الياء مكانها نحو: "صاحبــه: صاحبـك، صاحبــي"
حكم هاء الكناية:
يصل الإمام ورش هاء الضمير بالصلتين وهما : - الواو إن كانت الهاء مضمومة نحو : "كـلّ لـَهُو قَـــٰـنـتـون" (ااـروم : 26 ) و الياء إن كانت الهاء مكــسورة نحو : "من بيتِهِيمُهــــاجرا" (النساء : 100 )، بشرط أن تقع بين حركتين (حالا).
- عند الصلة إما أن يكون ما بعدها حرف الهمز فتمد بالصلة الكبرى وتكون من قبيل المد المنفصل؛ نحــــــــــو: " يحسِب أنَّ مالـــَــــــهُ~و أَخلــده" (الهمزة:3)، "طَــعَــــامِــهِي~ إنَـّـا صببـــنا " (عبس : 25 - 26)، أو يكون ما بعدها حرف غير الهمز فنمد بالصلة الصغرى وتكون من قبيل المد الطبيعي ؛ نحـــو: " لــــــــــهُو مَا في السمــٰـوٰت "(البقرة : 255 ) " وأمــــــــــهِ ي وَ أبـــــــــيــــــه ِ"(عبس : 35 )
الاستــثــنـــاء:يستثنى لورش – رحمه الله – كلمة واحدة وهي " يرضهُ لـَـكم " وردت بسورة الزمر:7، يقرأها بحذف الصلة على أصلها قبل الجزم حيث أن أصلها " يرضــــاه لكم ".
فحقيقة الهاء واقعة بين سكون وحركة ولكن لدخول الجازم "إنْ "جزم الفعل بحذف الألف وأصبحت الكلمة- يرضَـهُ لَكم- بهاء ضمير بين حركتين في الحال، قال ابن بري– رحمه الله - في هذا الاستثناء:
ملاحـظة:
هاء ( هَــٰـذه) ليست بهاء ضمير وإنما هي مبدلة من ياء والأصل فيها (هَــٰـذي) وتذكر ضمن هذا الباب لمشاركتها في حكم إثبات الصلة وحذفها.
عني القرءان الكريم بالحفظ في الصدور قبل السطور فكان بصدور رجال تصدروا لهذا الأمر بحفظه وإقرائه في كل طبقة من طبقات الأمة، بدءاً من عصر الصحابة رضوان الله عليهم جميعا الذين تلقوه من سيدنا رسول الله ﷺ فنقلوه إلى التابعين ثم قام جم كبير من التابعين من الحفاظ بنقله إلى تابعي التابعيين فبرز رجال شموس سهروا ليلهم وشدوا العزم وأعلوا الهمم وتجردوا للقراءة وزادت عنايتهم بها وتصدروا لها حتى صاروا أئمة أعلاما واشتهروا بين الأنام. من بين الأئمة القراء الذين تواترت قراءاتهم والتي توفرت فيها الثلاثة الأركان، من صحة السند وتواتره إلى رسول الله ﷺ وموافقة للرسم العثماني واللغة العربية، والتي تلقتها الأمة بالقبول هم سبعة قراء، قال عنهم الإمام الشاطبي ومن بين البدور السبعة الإمام نافع الذي روى عنه الراوي ورش الذي سنتدارس أصول روايته من طريق الأزرق جميعا وجزاهم عنا خير الجزاء عن نقلهم لنا القرءان عذبا وسلسلا.
تتلخص أهم أهداف تدريس مادة التجويد في أن يتمكن الطلبة من قراءة القرآن الكريم قراءة تراعي قواعد وأصول القراءة برواية ورش عن الإمام نافع المدني، ولذلك اعتمد المعهد على توزيع المادة العلمية على سنتين دراسيتين، حتى تعم الاستفادة وتتحق الأهداف والكفايات التربوية. كما تتلخص أهداف المادة في صون اللسان عن اللحن عند الأداء، وتقويم إعوجاج اللسان، وتدريبه على النطق باللغة العربية الفصحى، وفي هذا إحياء لها، والمساعدة على حسن تدبر معاني كتاب الله سبحانه، والتفكر في آياته، والتبحر في مقاصده.