كلمة السيد مدير المؤسسة دار البشير خلال الحفل الختامي
وفي ما يلي النص الكامل لكلمة الدكتور عبد الفتاح الفريسي المدير العام للمؤسسة:
- السيد رئيس المجلس العلمي المحلي
- السيد المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية
- أصحاب الفضيلة العلماء والأساتذة النبهاء السيدات
- الطلبة والطالبات
- السادة والسيدات الضيوف
- الخريجات العزيزات، الخريجون الأعزاء، أيها الحفل الكريم.
أتذكرُ أنِّي وقفتُ بينَ أبنائي وبناتي وإخواني وأخواتي خريجِي هذه الدفعةِ قبلَ سنواتٍ مضتْ، كانوا حينها في المستوى الأول من دراستِهِم في أكاديمية الدراسات الإسلامية، وكنتُ أتشرفُ بتقديمِ إحدى الموادِ الدراسيةِ، حينها، وفي المحاضرةِ الأولى بعد أن رَحَّبتُ بِكم، وقلتُ لكم عليكُم أنْ ترفعوا هممكم وترتقُوا بأنفسِكُم فكرًا ونظامًا وسلوكًا ومنهجًا على أملِ أنْ أراكُم بعدَ أربعِ سنواتٍ، لأمتع ناظري بكُم وأنتُم ترتدُون برنس التخرجِ، بعد أن تثبتوا اقدامَكُم على طريق العلم والإيمان، وتنهَلُوا من معارِفِ القرآن، وتتناولُوا من موائدِه الغزيرة، عِبر أكاديمية البشير للدراسات الإسلامية، على أيدِي أساتذةٍ ذوي كفاءَةٍ وفي سياقاتٍ وأجواءٍ تربويةٍ وتعليميةٍ جادةٍ، تكادُ تكونُ مثاليةً لحدٍ كبير.
لم يكن قولِي ذاك من المبالغة أو الإفراطِ في الادِّعاء، بل كان حقيقة شعرنا ونشعر بها ونحن نسهر ونتشرف بالسهر على تعليمكم، ولعلَّ ما لَمَسناهُ من نُضجٍ فكريٍّ وسلوكٍ سويٍّ لطلبةِ هذين الفوجين المباركين هو مصداقٌ لما ذكرناه ووقَفنا على حقيقتِه.
أقولُ لكم أيها الخريجون، هذا يوم عيد، فافرحُوا وتباهوا ببرنس التخرجِ، واشكروا الله على ما هداكم، وسيروا بين الناس وكونوا فخورينَ بشهادةِ التخرج، وافرحوا بفضل الله وبرحمته، ولا تَنْسَوا مسؤولِيتَكُم وأمانتكم في نشر العلم والخير، فأنتم تحملون من اليوم أمانة العلم والتعليم، وشرف مهمة الدعوة والتبليغ.
فقدَرُكُم أيُّها الأعزةُ أنَّكُم وُفقتم فدرستم، وتعلمتم فتخرجتُم وأنيطَت بِكُم المسؤوليةُ في زمنٍ حرجٍ مَليءٍ بالإثاراتِ والصراعاتِ والتجاذباتِ الفكريةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، وما يَتعلق بها من تبعاتٍ قِيَميةٍ وأخلاقيةٍ، كلُّ ذلكَ وسَطَ تسابقٍ سريعٍ لحركةِ الزمنِ، وحركة تطورِ تكنولوجي وحضاريٍّ، باتتْ معه رؤيةُ المستقبلِ ضبابيةً واستشرافُها هلاميا، وقراءةُ حيثياتِها معقدةً.
يا أيها الخريجون .. قَدَرُكُم وسطَ هذا التزاحمِ الكبير أنَّكُم أُثْقِلتُم بحُجَتَينِ: حجةُ العلمِ وحجةُ التبليغِ، التي لا مفر منهما ولا مناص، فكونُوا على قر الحجتين، قدوة وتبليغا، وتَرْجمُوا كلَّ ما تعلمتُمُوهُ من علومٍ ومعارفٍ نظريةٍ إلى واقع عمليٍّ وسلوك عملي، فالأيامُ تمضي والعمرُ يطوى، ونحنُ نتسابقُ جميعًا نحوَ ما تبقَّى من أعمارِنا، التي قد تكونُ أقلَ ممَّا مضَى منها، وانظروا في حياة الناس وطبيعة الدنيا، عَسى أنْ تكونَ تلكَ النظرة منعطفا خاصا، وسببا حقيقيا لنكونَ كما ينبغي أنْ نكونَ، وإلَّا فلا قيمة لكل ما يتعلمه المرء، بغير قومة لله بالحجة: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ)،
لا تدَّخرُوا جهدًا واجتهِدُوا وجاهدُوا في نشرِ الحبِّ والأمنِ، والأمانِ والأملِ، والإحسان والصلاح، حفظكم الله وبارك في جهودكم.