“سلطان الطلبة” .. عرف يكرس العناية بحفظة القرآن لتحقيق الأمن الروحي

“استمساكٌ بما عُرف به المسلِمون عامة، والمغاربة على وجه الخصوص، من شدة عنايتهم بكتاب الله، باعتباره أساس الأمن الروحي” يحضر، وفق المنظّمين، في أحدث مواعد الاحتفاء بحفظة القرآن من الأطفال والطفلات، بالعاصمة الرباط، في الشوارع العمومية، مع إلقاء دروس تعلي من شأن من خصصّوا جزءا من وقتهم لإتمام حفظ القرآن، وتسلط الضوء على القيم الإيجابية التي يغذّيها.

هذا الحفل، الذي يستلهم رمزية احتفال “سلطان الطلبة” المغربي التاريخي، مسيرة في الشوارع العمومية بتمارة، نواحي الرباط تحتفي بالأطفال مُتِمّي حفظ القرآن، نظّمته مؤسسة البشير للتعليم العتيق، متم الأسبوع الماضي، بشراكة مع المجلس العلمي المحلي، والمندوبية الإقليمية للأوقاف والشؤون الإسلامية.

ومن بين ما ينظّم هذا الحفل من أجله، وفق منظميه، الاستمرار في سنة مغربية رسمية هي “تكريم أهل القرآن الكريم، وتشجيع حملته، ومجوّديه”، مع التأكيد على “دور القرآن الكريم في نشر مبادئ التسامح، والسلام، ونبذ الكراهية، والعنف”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال عبد الفتاح الفريسي، مدير مهرجان “سلطان الطلبة”، إن “مسيرة البشير للقرآن الكريم، سلطان الطلبة، في دورتها الجديدة، تؤكّد على دور القرآن الكريم في بناء الإنسان على معاني الانفتاح، وقيم العطاء، والتنمية والمساهمة فيها”.

وتابع: “هذه المسيرة تستمسك بما عرفه المسلمون عامة والمغاربة خصوصا من شدة العناية بالقرآن الكريم، أساس الأمن الحسي والمعنوي، وتستمسك بسنة الملوك المغاربة وخاصة جلالة الملك محمد السادس في تشجيعه لحملة القرآن الكريم”.

وأكّد الفريسي، في تصريحه، أن هذا الاحتفال تشجيعٌ “لحملة القرآن الكريم وحُفّاظه ومُقرئيه، باعتبارهم النموذج المتوازن الذي ينبغي أن يحتذى، والذي يرتبط بالأصل وينفتح على العصر”.

تجدر الإشارة إلى أن الاحتفالات بحفظة القرآن في مختلف أنحاء المملكة كثيرا ما تستلهم رمزية “سلطان الطلبة”؛ التقليدِ الذي يعود منشأه إلى بداية حكم السلالة العلوية للمغرب، بالعاصمة التاريخية فاس في القرن السابع عشر، حيث كان يُتوّج من بين مُتمّي الحفظ سلطان رمزي يحتفى به، أياما معدودة، وهو ما استمرّ قرونا وصولا إلى العقد الأخير من الاحتلال الأجنبي للمغرب، ثم جاءت محاولات تجديده واستلهام رمزيته.

كلمة السيد مدير المؤسسة دار البشير خلال الحفل الختامي

وفي ما يلي النص الكامل لكلمة الدكتور عبد الفتاح الفريسي المدير العام للمؤسسة:
  • السيد رئيس المجلس العلمي المحلي
  • السيد المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية
  • أصحاب الفضيلة العلماء والأساتذة النبهاء السيدات
  • الطلبة والطالبات
  • السادة والسيدات الضيوف
  • الخريجات العزيزات، الخريجون الأعزاء، أيها الحفل الكريم.
أتذكرُ أنِّي وقفتُ بينَ أبنائي وبناتي وإخواني وأخواتي خريجِي هذه الدفعةِ قبلَ سنواتٍ مضتْ، كانوا حينها في المستوى الأول من دراستِهِم في أكاديمية الدراسات الإسلامية، وكنتُ أتشرفُ بتقديمِ إحدى الموادِ الدراسيةِ، حينها، وفي المحاضرةِ الأولى بعد أن رَحَّبتُ بِكم، وقلتُ لكم عليكُم أنْ ترفعوا هممكم وترتقُوا بأنفسِكُم فكرًا ونظامًا وسلوكًا ومنهجًا على أملِ أنْ أراكُم بعدَ أربعِ سنواتٍ، لأمتع ناظري بكُم وأنتُم ترتدُون برنس التخرجِ، بعد أن تثبتوا اقدامَكُم على طريق العلم والإيمان، وتنهَلُوا من معارِفِ القرآن، وتتناولُوا من موائدِه الغزيرة، عِبر أكاديمية البشير للدراسات الإسلامية، على أيدِي أساتذةٍ ذوي كفاءَةٍ وفي سياقاتٍ وأجواءٍ تربويةٍ وتعليميةٍ جادةٍ، تكادُ تكونُ مثاليةً لحدٍ كبير.
لم يكن قولِي ذاك من المبالغة أو الإفراطِ في الادِّعاء، بل كان حقيقة شعرنا ونشعر بها ونحن نسهر ونتشرف بالسهر على تعليمكم، ولعلَّ ما لَمَسناهُ من نُضجٍ فكريٍّ وسلوكٍ سويٍّ لطلبةِ هذين الفوجين المباركين هو مصداقٌ لما ذكرناه ووقَفنا على حقيقتِه.
أقولُ لكم أيها الخريجون، هذا يوم عيد، فافرحُوا وتباهوا ببرنس التخرجِ، واشكروا الله على ما هداكم، وسيروا بين الناس وكونوا فخورينَ بشهادةِ التخرج، وافرحوا بفضل الله وبرحمته، ولا تَنْسَوا مسؤولِيتَكُم وأمانتكم في نشر العلم والخير، فأنتم تحملون من اليوم أمانة العلم والتعليم، وشرف مهمة الدعوة والتبليغ.
فقدَرُكُم أيُّها الأعزةُ أنَّكُم وُفقتم فدرستم، وتعلمتم فتخرجتُم وأنيطَت بِكُم المسؤوليةُ في زمنٍ حرجٍ مَليءٍ بالإثاراتِ والصراعاتِ والتجاذباتِ الفكريةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، وما يَتعلق بها من تبعاتٍ قِيَميةٍ وأخلاقيةٍ، كلُّ ذلكَ وسَطَ تسابقٍ سريعٍ لحركةِ الزمنِ، وحركة تطورِ تكنولوجي وحضاريٍّ، باتتْ معه رؤيةُ المستقبلِ ضبابيةً واستشرافُها هلاميا، وقراءةُ حيثياتِها معقدةً.
يا أيها الخريجون .. قَدَرُكُم وسطَ هذا التزاحمِ الكبير أنَّكُم أُثْقِلتُم بحُجَتَينِ: حجةُ العلمِ وحجةُ التبليغِ، التي لا مفر منهما ولا مناص، فكونُوا على قر الحجتين، قدوة وتبليغا، وتَرْجمُوا كلَّ ما تعلمتُمُوهُ من علومٍ ومعارفٍ نظريةٍ إلى واقع عمليٍّ وسلوك عملي، فالأيامُ تمضي والعمرُ يطوى، ونحنُ نتسابقُ جميعًا نحوَ ما تبقَّى من أعمارِنا، التي قد تكونُ أقلَ ممَّا مضَى منها، وانظروا في حياة الناس وطبيعة الدنيا، عَسى أنْ تكونَ تلكَ النظرة منعطفا خاصا، وسببا حقيقيا لنكونَ كما ينبغي أنْ نكونَ، وإلَّا فلا قيمة لكل ما يتعلمه المرء، بغير قومة لله بالحجة: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ)،
لا تدَّخرُوا جهدًا واجتهِدُوا وجاهدُوا في نشرِ الحبِّ والأمنِ، والأمانِ والأملِ، والإحسان والصلاح، حفظكم الله وبارك في جهودكم.

الحفل الختامي لبرنامج الدراسات الإسلامية الخاص بالفوجين: 2022-2023 و2023-2024

تحت شعار الارتباط بالأصل والانفتاح على العصر، نظمت مؤسسة الحاج البشير القرءانية حفلا ختاميا لبرنامج الدراسات الإسلامية الخاص بالفوجين: 2022-2023 و2023-2024.
وبعد دخول خريجي التعليم العتيق إلى قاعة الحفل وسط تهليلات وهتافات الحضور الذي غصت به جنبات القاعة، ابتدأ الحفل بالنشيد الوطني المغربي، أعقبته تلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم تلاها القارئ: ياسر السعودي، بعد ذلك تايع الحضور كلمة مدير المؤسسة “الدكتور عبد الفتاح الفريسي”، أكد فيها على أهمية ترسيخ مبادئ العلم والمعرفة في الأمة، كما تقدم بتهانيه الحارة للخريجي ناصحا إياهم بحمل لواء البناء والارتباط بالأصول الفكرية والثوابت العقدية، وتناول بعد ذلك الأستاذ عبد السلام الحساني عضو لجنة التوعية والإرشاد الديني والتواصل، ذكر فيها بجهود مؤسسة الحاج البشير القرآنية وتفانيها في خدمة المعرفة والعلم.  بعد ذلك، استمع الحضور لقصيدة من تأليف أستاذ مادّة النّحو: عبد الرحيم تيباريك، ثم تابع الحضور باستمتاع وصلة من الأمداح النبوية من أداء: مجموعة الوصال لفنّي المديح والسماع.
وقبل توزيع الشهادات، قام الخريجين بقراءة جماعية في ما تيسّر من سورة الكهف. ثم استمع الحضور إلى كلمة خريجي فوجي: 22-23 و 23-24 الذي أطلق عليه اسم العلامة الفقيه : سيدي محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي : “ابن آجُرُّوم”، قدمتها الطالبة: مينة مجدول، كما تم تكريم ثلاثة من الأساتذة بالمؤسسة وهم:
1.الفقيه: “محمد اليوسفي” خطيب وواعظ بالمجلس العلمي المحلّي الصخيرات – تمارة، برنامج الدراسات الإسلامية.
2.المدرّسة: “فاطمة دادة” محفظة القرءان الكريم ببرنامج التعليم العتيق منذ سنة 2014، برنامج التعليم العتيق.
3.المدرّسة: “خديجة الأزرق” محفظة القرءان الكريم، برنامج الأطفال.
و ثلاثة من الطلبة وهم:
  • إبراهيم العبدي: الرّتبة الأولى في برنامج التعليم العتيق للموسم الدّراسي : 2023/2024، بميزة حسن جدا.
  • التلميذة إيمان السكات: باكلوريا شعبة الاقتصاد باللّغة الفرنسية، بميزة حسن.
  • التلميذ يحيى العبدي: باكلوريا شعبة علوم رياضية بالّلغة الفرنسية، بميزة حسن جدا.
وفي الاخير تم توزيع الشهادات التّخرج مع الدّرع للمتفوّقين الثلاثة من كل مستوى والشواهد للجميع من طرف الإدارة والمجلس العلمي والاساتذة.
وفي الختام كان الجمهور على موعد مع كلمة ختامية مع الدعاء.